أحبَبتُ في هذا الصّباح، صباح الـ 22 من نيسان، صباح أولادنا ذوي الصعوبات التعلّمية، أنْ أتوجّه إلى كلّ أبٍ وأمّ لأقول لكم أنّ ما فعلتموه في سنيّ المُرافقة لأولادِكم هو عملٌ من أعمالِ البطولة، ولا أخفي عليكم أنّ كلمة "بطولة" لا تُنصف ما فعلتموه. أنتم لم تنتظروا دولةً عاجزة على منحكُم أيّ نوعٍ من الدعم النفسي أو المعنوي أو العاطفي أو المادّي. لبَّيتم نداءَ الحاجة عندَ أولادِكم ورافقتُموهم بجهوزيَّة قليلة خاصّة في مرحلة البدايات، في مرحلة اكتشاف هذه الحاجات الخاصّة. في ذلك الزمان لم يكُن هناك برنامجٌ تلفزيوني يُضيءُ على الموضوع، ولا مقالةً في جريدة لبنانيّة تُنصفَ أولادنا، ولا برنامج إذاعيّ يُساعدكم على اكتساب مَهاراتٍ وتقنيّاتٍ تُنجدُكم في عمليّة مرافقتكم لهم.
إتّكلنا على أنفسنا وعلى رحمة الله وحكمتهِ التي يُعطيها لنا. ما قمنا به، عجِزَت حتى الأمس القريبِ دُوَلٌ كبيرة عن فعلِه. رافقتم، أحببتم، إعتَنيتم، عانَيتم، وفوق كلّ ذلك تألّمتم لرؤيةِ أولادكم غيرَ قادرين على مواكبةِ نُظرائهم ونظيراتهم في صفوفهم أو صفوفهنّ. سَمعتم في مرّاتٍ كثيرة كلامًا قاسيًا عن أولادكم آتيًا مِن جهلٍ في المجتمع مِن قِبل مَن يرفضون مدّ يد العّون لأطفال لا حول ولا قوّة لهم في مواجهة صعوبات تمنعهم من التعلم. كما أنّنا واجَهنا مسؤولين كُثُر بعيدين عن ثقافة الدمج واحترام الآخر المُختلف ولا يدركون موضوع الصعوبات التعلّمية وحيثيّاته؛ وإنْ هُم أدركوا أهمّية هذا الموضوع، لَم يكُن الدعم الذي كنتم تَرجَونَه أولويّةً مِن أولوياتهم في إدارة شؤون الدولة.
لذا أحبَبتُ اليوم ومِن كلّ قلبي أن أقولَ لكم باسم مركز سكيلد للصعوبات التعلمية الذي كان وراء إطلاق هذا النهار - أي اليوم الوطني للتلامذة ذوي الصعوبات التعلّمية - بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني ومع وزارة التربية والتعليم العالي، أنّ هذا الموضوع سوف يبقى من الشؤون التي تحظى بحيّز كبير من اهتمامنا وجهودنا حتى آخر رمقٍ في حياتنا. وأؤكد لكم أنّنا لن ننخذل مِن لا مبالاة بعض مَن هم في المسؤولية، ولا مِن قلّة إدراك بعضِ مَن هم في الحقلِ التربَوي، وقساوة بعض مَن هم مِن الجيران أو الأهل أو الأصدقاء. وفي الوقت عينه، نودّ أن نؤكّد امتناننا للكثيرين الذين وقفوا إلى جانِبنا مِن تربويين ومدارس وإعلاميين وفنّانين، لا سيّما صديقنا الاستاذ راغب علامة الذي ما زال يدعمنا منذ بداية مسيرتنا عام 2013.
وهذه السنة، ومن باب القاء التحية للأهالي المتميّزين (الجنود المجهولين) الذين لديهم أولاد من ذوي الاحتياجات الخاصة، يشرّفنا إطلاق فيلم وثائقي بعنوان "رغم التحدّيات ... فرصة" سيبَث على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال انترناسيونال نهار اليوم الوطني للتلامذة ذوي الصعوبات التعلمية (22 نيسان) عند الساعة خامسة بعد الظهر مع الاعلامي إدمون ساسين.
وفي ظلّ جائحة كورونا وواقع التعلّم عن بُعد، وبمناسبة اليوم الوطني، نودّ أن نعرّف الأهالي والتربويين بالمكتبة الرقميّة (digital library ) التي اطلقناها هذا العام مع جريدة النهار وهي عبارة عن مجموعة تسجيلات (70 فيلم) متوافرة للجميع من دون أي كلفة، لنشاطات تهدف لمساعدة الاطفال الذين لديهم صعوبات وهم بحاجة إلى دعم في المجالات التالية: التربية التقويمية، العلاج النفسي، العلاج النفسي الحركي، وعلاج النطق؛ بالاضافة إلى مشاركة بعض الاهل لتجربتهم الشخصية في تربية طفلهم الذي لديه احتياجات خاصة والسعي للدمج في المجتمع. يمكن الوصول لهذه التسجيلات من خلال الرابط التالي https://skild-edu.org/introduction/
سنحاولُ معًا، أن نُكرّسَ ما سينعِمُ به الله مِن عمرٍ لنا لهؤلاء الأولاد لكي نمكّنُهم مِن متابعة دراستهم الأكاديمية أو المهنية، لا فَرق، وأنْ يلتحقوا في مراكب الحياة المهنية في وقتٍ لاحق، وأنْ يسجلوا نجاحاتٍ سيفتخرُ بها لبنان، وفي الحدّ الأدنى، سنفتخرُ نحن وأنتم بها. عافاكم الله وعوّض كلّ تعبٍ بذلتموه صحّةً ويقينًا وفرحًا وسلامًا وكذلك فخرًا بانجازاتِ أولادنا.
نبيل قسطه
منسّق اليوم الوطني للتلامذة ذوي الصعوبات التعلمية
ومؤسس مركز سكيلد