يستعدُّ رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل لإطلاق موجة من التصعيد الطائفي بعد إصطدام حملته لمنع عودة الرئيس سعد الحريري، بمعارضة نيابيّة واسعة سحبت منه المُبررات الميثاقية التي بَنى عليها مواقفه من الاستشارات المُلزمة.
وتُفيد معلومات مؤكّدة، أنّ "باسيل لجأ إلى تشكيل فريق إعلامي سياسي لهذه الغاية، مُهمته تجييش الشارع المسيحي ضد الحريري، وإستحضار الحديث عن مؤامرة تستهدف العهد عبر قيام تحالف رباعي جديد، على صورة التحالف الإنتخابي الذي قام بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري".
وفي السياق، توقفت مصادر مُتابعة من داخل البيت العوني، عند الحملة التي أطلقتها قناة الـ "أو تي في" في هذا الشأن، وإستضافة شخصيّات معروفة بِتطرّفها إلى حدود وضع المسلمين مجتمعين في خانة العداء لـ "العهد وسيّده".
وهنا تُذكر المصارد، بأنّ "الفريق الباسيلي في التيار العوني، سبق له أن إعتمد هذا الأسلوب في مراحل عدة، وهو الذي أطلق على تيار المستقبل تسمية "تيار داعش" في النظام السياسي".
وتؤكّد المصادر أيضاً، انّ "جبران باسيل نجح في إستخدام الرئيس ميشال عون كمتراس سياسي ودستوري لمواقفه، وهو نشَط خلال الأيام الماضيّة على محورين، برهان قلب الطاولة على الجميع.
المحور الأول: "محاولة استدراج القوات اللبنانية إلى خانة الدفاع عن الميثاقية المسيحية، والاتفاق معها على إسم بديل لسعد الحريري، لكن هذه المحاولة باءت بالفشل".
المحور الثاني: "محاولة تسويق إجتماع مسيحي في بكركي تُشارك فيه الأحزاب المسيحية، لكنها أيضًا باءت بالفشل".
يُشار إلى انّ "باسيل بذل جهداً إعلامياً مُركزاً على محاولة استدراج الرئيس الحريري وتيار المستقبل لسجالٍ حول الوضع الحكومي، ولجأ عبر الناطقين بإسمه إلى إستفزاز الحريري واتهامه بشتّى انواع الاتهامات".
وقد سقطت هذه المحاولة في مَهدها، بسبب الصمت الذي إلتزمه بيت الوسط، وإعلانه أمس ان "الصمت مليء بالأجوبة".
وعليه، لم يبقَ أمام باسيل سوى اللجوء إلى التحريض الطائفي البغيض، والحديث عن إتفاق "رباعي-إسلامي"، يحمي عودة الرئيس الحريري إلى رئاسة الحكومة.
وقد كان لافتاً، خلال الساعات الماضية مُسارعة باسيل الى الدخول على الخط الفرنسي من جديد، إنما من باب إستنكار الجريمة التي استهدفت أحد الاساتذة وقوله "أنه سيتم التغلب على الكراهية وعلى اولئك الذين يريدون إلغاء الآخر".
وبدا للمراقبين أن جبران باسيل يتسلقُ "جريمة نكراء"، للحديث عن أولئك الذين يريدون إلغاء الآخر، وذلك من خلال تغريدة توجّه بها الى الادارة الفرنسية كي يتردَّد صداها في لبنان، ودائماً على قاعدة النبش في الاحقاد.
وأخطر ما في هذا المشهد السياسي، هو أن تغطيته السياسية تأتي من موقع رئاسة الجمهورية، التي تتولى تنفيذ الأجندة الحزبيّة لجبران باسيل، خلافاً لروح الدستور الذي يُلزم الرئيس بإجراء استشارات نيابية ملزمة، لا تخضع لمنطق الميثاقية الذي يُروّجون له، وذلك بإعتراف من مفتي القصر الجمهوري الوزير السابق سليم جريصاتي الذي سبق له ان أقرَّ بأن الميثاقية لا تنطبق على التكليف انما هي تنطبق على التأليف.
ويعتبر المراقبون، أن جبران باسيل "يركب" على ظهر الميثاقية الوطنية لفرض ميثاقية حزبية، وميثاقية عونية لا مكان لها في الدستور والأعراف ومقتضيات العيش المشترك.
ويرى المراقبون، بأنّ "جبران باسيل ينتقل من حفرةٍ إلى حفرة، وآخر الحُفر التي يعمل عليها، دفع لبنان الى إشتباك طائفي اسلامي - مسيحي، هذا الاشتباك"، وبنظرهم، "لن يكون قارب النجاة الأخير لجبران، بل قارب رحيل خياراته إلى جهنم".